الزَّرَافَةُ هي إحدى أنوع الثدييَّات الأفريقيَّة شفعيَّة الأصابع، وهي أطولُ الحيوانات البريَّة بلا مُنازع، وأضخم المُجترَّات على الإطلاق. إسمُها العلميّ «Giraffa camelopardalis» (نقحرة: جيرافا كاميلوپاردالِس)، واسمُ نوعها، أي «camelopardalis»، يعني حرفيَّا «الجمل النمريّ» أو «الجمل الأنمر»، في إشارةٍ إلى شكلها الشبيه بالجمل واللطخات المُلوَّنة على جسدها التي تجعلها شبيةٍ بالنمر. أبرزُ خصائصها المُميَّزة هي عُنقها وقوائمها فارغة الطول، والنُتوءات العظميَّة على رأسها الشبيهة بالقُرون، وأنماطُ فرائها المُتنوِّعة. تُصنَّفُ ضمن فصيلة الزرافيَّات، إلى جانب قريبها الوحيد المُتبقي، أي الأكَّاب. منها تسعُ نويعات، يُمكنُ التفريق بينها عبر أنماط فرائها التي تختلفُ من نويعٍ إلى آخر.
موطنُ الزرافى الحالي مُتجزّءٌ، وجُمهراتها مُبعثرةٌ، وتنتشرُ من التشاد شمالًا حتَّى جنوب أفريقيا جنوبًا، ومن النيجر غربًا إلى الصومال شرقًا. تشملُ موائلها الطبيعيَّة عادةً السڤناء، والأراضي العُشبيَّة، والأحراج المكشوفة. قوتُها الرئيسيّ هو أوارقُ الطلح (السنط، أو الأقاقيا)، التي ترعاها على ارتفاعاتٍ لا تصلها أغلب العواشب الأُخرى، وقد تتناول الزرافة بِلسانها الطويل (البالغ حوالي نصف متر) غصنًا من ارتفاعٍ يُقارب ستَّة أمتار، وبحركةٍ جانبيَّةٍ من رأسها تُجرِّد ما عليه من ورقٍ.[3] وتعيشُ الزرافة طويلًا دون ماء، وحينما تُقبلُ على الشُرب تُباعدُ ما بين قائمتيها الأماميتين كثيرًا لتبلغ الماء. ومع أنَّ للزَّرافة أطول عُنُقٍ بين الثدييات، فإنَّ لها الفقرات الرقبيَّة المُعتادة السَّبع فقط (وهو عددها في كافَّة الثدييات). وارتفاعُ الزَّرافة مع حدَّة بصرها يُعطيانها أعظم مجالٍ للرؤية بين الثدييات.[4]
تُشكِّلُ الزرافى طرائدًا لجُملةٍ من الضواري، أبرزُها الأُسود؛ وتقعُ صغارها أحيانًا ضحيَّة النُمور والضِّباع المُرقطة والكلاب البريَّة الأفريقيَّة. لا تتمتَّع الزرافى البالغة بروابط اجتماعيَّة قويَّة، على أنَّها تتجمَّع في مجاميع صغيرة فضفاضة الصلة، لو حصل أن كانت جميعُ الأفراد تتجهُ في ذات الاتجاه. تفرضُ الذُكور مرتبتها الاجتماعيَّة عبر سلوكٍ يُعرف «بالتعانق»، وهو شكلٌ من أشكال القتال عند هذه الحيوانات، حيثُ تضربُ بعضها البعض باستخدام أعناقها. وحدها الذُكور المُهيمنة تتزاوجُ مع الإناث، التي يقع عليها وحدها عبء تربية الصغار. ولون الزرافة الأبقع الرَّمليّ والكستنائيّ يموهها في بيئاتها، وهي إلى ذلك تُجيدُ الدفاع عن نفسها بالرفس أو النطح.[3]
أسرت الزرافة الحضارات البشريَّة المُختلفة قديمًا وحديثًا، بسبب مظهرها الغريب والفريد بين جميع الحيوانات، فجُسِّدت في الكثير من اللوحات الفنيَّة والرُسومات والكُتب والرُسوم المُتحرِّكة. يُصنِّف الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة الزرافى على أنَّها غير مُهددة، لكنَّها رُغم ذلك استُؤصلت من الكثير من أنحاء موطنها السَّابق، وبعضُ نويعاتها مُصنَّفٌ على أنَّهُ مُهددٌ بالانقراض. لكن على العُموم، ما تزالُ الزرافى موجودةٌ في الكثير من المُنتزهات الوطنيَّة ومحميَّات الطرائد.